أهلاً وسهلاً بكل زوار مدونة أقلام حائرة....إذا كانت لديكم أية ملاحظات أو اقتراحات راسلونا على عنوان المدونة confusedideas@yahoo.com ..... نتمنى لكم زيارة مفيدة ومتكررة بإذن الله....

2007/09/16

ترجمة مسرحية"الموت الاحمر" للكاتب "ادجار آلان بو"


"الموت الاحمر"
وباء قتل نصف سكان البلاد..
يجتمع الامير"بروسبيرو"بألف شخص من الفرسان والعائلة المالكة,يعزلون أنفسهم عن بقية العالم فى محاولة لفصل أنفسهم من الاوضاع المروعة التى بالخارج,ولكن هل بامكانهم الهرب من "الموت الاحمر"؟؟!!!
هذا ما سنعرفه من خلال احداث المسرحية ...

"الموت الاحمر"
وباء دمر البلاد طويلا..وباء قاتل.. فى غاية البشاعة ..لا يوجد مثيل له على وجه الارض !
كان الدماء هو مجسده .. وختمه هو حمرة الدم واثارة الرعب لمجرد رؤيته ..كانت هناك آلام حادة , ودوار مفاجئ ثم ..نزيف غزير يتدفق من مسام الجسم , مع تحلله او بمعنى ادق ذوبانه ..تلك البقع القرمزية التى حلت على الجسد وخاصة الظاهرة منها على وجه الضحيةهى لعنة الوباء والتى اوصدت باب المساعدة فى وجهه وحالت دون تعاطف رفاقه..تلك النوبة المرضية , ومنذ بداية وتقدم الوباء وحتى نهايته هم حوادث النصف ساعة !!


على النقيض من تلك البداية المرعبة , كان هناك اميرا مسرورا يتصف بالبسالة وبعد النظر يدعى"بروسبيرو".برغم ان أملاكه أصبحت نصف خالية من سكانها بسبب هذا الوباء اللعين,الا انه استدعى الى حضوره الملكى ألف من أصدقاءه يتمتعون بصحة جيدةوبقلوب مرحة من بينهم فرسان وسيدات قصره ..ومع كل هذا , كان يلجأ الى مكان منعزل خفى فى احدى أديرته الشبيهة بالقلعة وهى عبارة عن بناء واسع فخم جعلت من الامير شخصا غريب الاطوار بشكل مهيب , وجدار قوى شامخ يحيط بهذا البناء وبه بوابات حديدية ..


دخل خادمى القصر ومعهم أفران ومطارق ضخمة وقاموا بلحام رتاج الابوابفقد اعتزموا على الاّ يسمحوا لنوبات اليأس والجنون المفاجئة تسيطر عليهم ,كما ان الدير كان مزود بمؤن وفيرة من الطعام والشراب, وبمثل هذه الاجراءاتالوقائية بإمكانهم تحدى عدوى هذا الوباء وعلى العالم الخارجى ان يعتنى بنفسه.وفى الوقت ذاته من الحماقة ان تشعر بالحزن او حتى تفكر..اما الامير فقد قام بتزويد قصره بكل الوان البهجة من مهرجين وشعراء وممثلينوراقصى الباليه وموسقيين والجمال الاخاذ و بالطبع النبيذ..على رأس كل ذلك الامان الذى كان يسود المكان ..

كل شئ كان متاح ما عدا شيئا واحدا لم يكن هناك ما يسمى بـ .."الموت الاحمــر" ...


قارب الشهر الخامس او السادس من عزلة الامير على الانتهاء,وبينما كان الوباء يتفشى بشراسة خارج البلاد , كان الامير"بروسبيرو" يستضيف ألف صديق فى اكثر الحفلات التنكرية روعة وندرة ..كان مشهد التنكر الذى بالحفلة مبهج للحواس , لكن دعونى اولا اخبركم عن الغرف التى بالقصر. كان هناك سبع غرف منهم جناح امبراطورى.فى العديد من القصور تشكّـل مثل هذه الاجنحة افق ضيقة وطويلة ومستقيمةمن ناحية , والابواب ذات المصاريع القابلة للطى_تنزلق للامام وتعود للخلفنحو الجدران_ من ناحية أخرى , لذا تجد ان منظر امتدادها بأكمله يكاد يعوق رؤيتك له..
الحالة هنا مختلفة تماما بحيث يمكن توقعها من عشق"الدوق" العجيب !كانت الغرف منظمة بشكل غريب للغاية حيث ان الرؤية لم تضم أكثرمن غرفة على حدة .وهناك أيضا انعطاف حاد بعد كل عشرين او ثلاثينياردة,ولدى كل انعطاف تأثير مبتكر غريب .من اليمين الى اليسار,فى منتصف كل حائط ,نافذة طويلة وضيقة على الطراز القوطى* تطل على ممر محكم يضم منعطفات الجناح كاملا ..
كانت هذه النوافذ من الزجاج الملوّن والذى يتغير تبعا للون الزينة السائد بالغرفة..والمعلق هناك فى اقصى الشرق نوافذ ذات لون ازرق زاهٍ. ولون الغرفة الثانية كان أرجوانى فى زينتها وحليتها المزدانة بالرسوم والصور وكذا الواحها الزجاجية, والغرفة الثالثةخضراء اللون فى كافة انحاءها وكذلك النافذة البابية*, والغرفة الرابعة مجهزة بالأثاث ومضاءة بالللون البرتقالى الخفيف ,والخامسة باللون الابيض ,والسادسة بلون البنفسج,بينما الغرفةالسابعة كانت مغطاه تماما بأقمشة مخملية سوداء معلقة من اعلى حيث السقف الى أسفلحيث الجدران,مسقطة بطيات ثقيلة على سجادة من نفس المادة واللون.لكن فى هذه الغرفة بالذات فشل لون النوافذ فى الانسجام مع الزينة الموجودة ,فالالواح الزجاجية هنا كانت قرمزية بلون الدماء القاتم !


الآن لايوجد فى أيا من تلك الغرف السبع مصباح او شمعدان وسط وفرة الحلى الذهبية المبعثرة هنا وهناك ذهابا وايابا او المتدلية من السقف. لم يكن هناك اى ضوء منبثق من مصباح او شمعة داخل جناح الغرف , ولكن فى الممرات التابعة للجناح ,وقف هناك قبالة كلنافذة,حامل ثلاثى القوائم يحمل اناء نحاسى به شعلة نار والتى سلطت أشعتها على الزجاج الملون لتنير الغرفة بشكل أكثرسطوعا ,تـُحدِث بذلك عدة مظاهرمبهرجة ورائعة .لكن فى الغرفة الغربية او السوداء ,كان تأثير شعلة النار_التى تسرى على الستائر المظلمة من خلالالالواح الزجاجية الملونة بلون الدماء_شنيع الى أبعد حد , محدثة نظرة شرسة بدت على محيا من دخلوا,وهم بضعة رفاق تملك من الجرأة ما يكفى لتطأ أقدامهم هذه الرقعة على الاطلاق ..


فى هذه الغرفة أيضا وقفت هناك على الحائط الغربى ساعة عملاقة من الابنوس,يتأرجح بندولهاذهابا وايابا فى فتور,مصدرة رنينا رتيبا وثقيل; وبينما يعمل عقرب الدقائق جاهدا فى رسم دوران الوجه,وعقرب الساعة يصدر صوتا مجروحا كما المصاب.أطلقت رئتى الساعة الميكانيكية النحاسية صوتا واضحا عاليا عميقا وموسيقيا للغاية . لكن الغريب فى الامر هى النوتة الموسيقية وما يؤكد ذلك انها ,وبمرور كل ساعة من الزمن يُـجبر موسيقيو الاوركسترا على التوقف ,مؤقتا, عن اكمال ادائهم الموسيقى ليصغوا جيدا لهذا الصوت,وبالتالى توقف راقصى موسيقى"الفالس"* بالضرورة عن اداء حركاتهم الراقصة,وهناك كانت خلاصة ماحدث والتى أفسدت جو المرح الصاخب المسيطر على هؤلاء القوم ,فلم تكد دقات الساعة تدق الا ولوحظ على اكثرهم استهتاراًيصاب بدوار عنيف وشحوب فى وجهه,والافراد الاكبر سنا والاكثر رزانة يمررون بأيديهم على الحاجبين كما لو انهمبذلك يزيحون التشويش العقلى الذى انتباهم والاضطراب فى تصرفاتهم.


لكن عندما توقفت أصداء الصوت تماما ,عاد الضحك المرح ليسود الجمع الذى بالحفل فى الحال ,بينما تطلع الموسيقيون الى بعضهما لبعض وابتسموا فى عصبية لشعورهم بحماقة ما يحدث,فأقسموا ,متهامسين فيما بينهم,ان دقات الساعة القادمة لن تسمح بأن يراودهم نفس الشعور السابق,ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن,فحينذاك وبعد مرور ستون دقيقة(أى مرور ستة الاف وستمائة ثانية من الوقت),لم تكد دقات الساعة الاخرى تدق حتى وعاد نفس التشويش العقلى وارتجافالاطراف والاضطراب فى التصرفات كما سبق وحدث.وعلى الرغم من كل هذه الامور,كان المرح والاحتفال العظيم يسودا بقعة بعينها!

أذواق الامير كانت غريبة وربما شاذة.لديه حسن تمييز وتذوق الالوان والتأثيرات,لكنه لا يعير انتباها لزخرفة الموضة المجردة.كانت خططه جريئة وحماسية,وافكاره تتوهج ببريق بربرى . هناك من أعتقد انه مجنون ,وتابعيه لا يشعرون بانه كذلك,لذا من الضرورى ان نسمعه ونراه ونشعر به كى نتأكد من أنه ليس بمجنون !!!
كان يقوم بعرض زخارف الغرف السبع والمنقولات,بغرض التباهى لا أكثر,فى جزء كبير من القصر بمناسبة هذا الاحتفال العظيم,وكانت هذه احدى أذواقه والغرض منها هو منح المتنكرين بالحفل فكرة عن شخصيته ..وتعد هذه المنقولات فنا زخرفيا بلا ريب .كانت أكثر وهجا وتألقاً واثارة وخيال_اكثر مما شاهدناه فى مسرحية"هيرنانى"*,فقد كانت هناك زخارف على النسق العربى ذات افرع وتجهيزات ولكنها غير ملائمة لها,وكان هناك أيضا هذاه مولعون بشدة لهذه الزخارف كـ"مجانين التجديد",حيث منها الاكثر جمالا,وبهجة ,وغرابة ,ومنها مايثير رعبك ولربما يثير الاشمئزاز..

وبالغرف السبع ,احلام وخيالات تطوف ذهابا وايابا بحثا عن طرائد تسكنها ,تتجول على شكل موجات فى وحول الغرف ,لتأخذ منها شكلا لها,ومن موسيقى الاوركسترا الحماسية صدى لخطواتها,وعما قريب ستدق الساعة الابنوسية التى تقف عند القاعة المخملية,وبعدها وللحظة كل شئ ظل ساكنا ً,صامتاً عدا صوت الرنين_فقد صمدت لفترة وجيزة_وسرعان ما عاد الضحك المرح الخفيف يغمر المكان بعد رحيلها.وفى الحال عادت الموسيقى تعلو الحفل,و الاحلام الى الحياة ,تتجول هنا وهناك بمرح وبهجة أكثر من ذى قبل ,لتأخذ من النوافذ متعددة الالوان لونا وهيئة لها من خلال انعكاس أشعة النيران من الحوامل ثلاثية القوائم ..


اما بالنسبة للغرفة التى تقع أقصى غرب باقى الغرف ,لم يتمكن أيا من المتنكرين من المخاطرة بدخولها ,فالليل بدأ ينقشع رويدا ً,وضوء وردى ينبثق من خلال الواح النوافذ الزجاجية الملونة بلون الدماء القاتم ,وشدة سواد فراء الستائر السمّورى يثير الرعب ,ومن تطأ قدمه على فراءالسجاد,تطلق الساعة الابنوسية القريبة من الغرفة رنينا مكتوما,أكثر كآبة من اى رنين تناهى الى مسامع الحاضرين والمنغمسين فى ملذاتهم بعيداعن باقى الغرف!اما الغرف الاخرى فقد كانت مزدحمة للغاية ,بداخلها ينبض قلب الحياة فى نشاط ,و الحفل الصاخب مستمر فى ايقاع سريع ..وأخيرا ,أعلنت دقات الساعة عن منتصف الليل ,وبعدها توقفت الموسيقى,كما ذكرنا آنفا,وبالتالى توقف راقصى "الفالس" عن اداء حركاتهم الراقصة, كان توقف تام ومضطرب لكل الاشياء كما سبق وحدث. اما الآن اثنتا عشر دقة أطلقها جرس الساعة, ومن ثم حدث_ولربما أكثرمما يتسلل الى تفكيرك وبوقت أطول_اضطراب فى سلوك وتفكير من كان أكثرهم يمارس مرحه المستهتر.وأيضا حدث_ولربما قبيل غوص أخر صدى لدقة الساعة الاخيرة_تماما فى بحر الصمت,كان هناك العديد من الافراد بين الحشد من تناول قسطا من الراحة ليكونوا بذلك واعين لحضور تلك الشخصية المقنّعة والتى لم تجذب انتباه أى فرد بالحفل من قبل.وقد انتشر خبر حضور هذه الشخصية فى الأجواء,متهامسين فيما بينهم.وهناك ساد طنين او همهمة بين جميع ضيوف الامير معبّرة عن الاستنكار والمفاجأة و..

أخيرا عن الرعب ,والرهبة , و الاشمئزاز !!!!


لنعرف ما الذى أثار اشمئزاز ورعب هؤلاء فلننتظر معا و الجزء الثانى ...
----------------------------------------------

* "النافذة البابية" :نافذة تفتح كما الباب (اى لا صعودا او نزولا ً) ..
* "قوطى" : الطراز القوطى فى فن العمارة الذى نشأ فى شمالى فرنسا وانتشر فى اوروبا الغربية من منتصف القرن12 وحتى اوائل القرن16 للميلاد..
* "هيرنانى" : مسرحية شهيرة كتبها الكاتب المسرحى "فيكتور هيجو"عام 1830,وقد صُـنّفت تحت نوعية"رومانسية" الا انها لاقت أعتراض واستهجان من بعض ممن يطلقون عليهم بـ"الكلاسيكيون" ..
* "الفالس" :رقصة غربية كلاسيكية صاخبة ..

2 comments:

hopy said...

هبهوبه
عرض شيق جيد وتلخيص موفق فى انتظار الجزء الثانى لا تغيبى علينا

habhoba said...

ارجو ان تكون ترجمة المسرحية قد اعجبتكم,وشكرا على تعليقك يا هوبى لكن للأسف الشديد من ناحية الغياب فانا هغيب فعلا عن نشر الجزء الثانى لفترة طويلة لظروف خاصة وربما معقدة!!
كل ما اطلبه منك هو الانتظار والدعـــاء لى بتجاوز تلك المحنة ان شاء الله ..
السلام عليكم ..